الأحد، 1 سبتمبر 2013

تطوّر المهن و نشأة دورة التّكوين المهني في مدينة رأس الوادي

top



تطوّر المهن ونشأة دورة التّكوين المهني في مدينة رأس الوادي

صورة قديمة لمدينة رأس الوادي


مدينة رأس الوادي (Ras El Oued) حاليا أو تامالولا (Thamallula) في الحقبة الرومانية 200 سنة قبل الميلاد أو توكفيل (Tocqueville) أثناء الحقبة الكولونيالية نسبة إلى( Alexis-Henri-Charles Clérel, vicomte de Tocqueville ) الفيلسوف و السياسي الفرنسي (المولود بباريس 29 جويلية 1805 والمتوفّى في كان 16 أفريل 1859).
رأس الوادي المدينة لطالما كانت مركزا لتجمّع البشر، فالأراضي الخصبة كانت و لا تزال قبلة للسّكان، و طريقا تمرّ بها القبائل.
لن نتحدّث هنا عن تاريخ مدينة  رأس الوادي في العهد المغربي القديم، و لا في عهد موريتانيا السّطايفية إنّما سيتركّز الحديث حول نشأة و تطوّر حركة التّكوين المهني في منطقة رأس الوادي، و البداية دون شكّ سترتبط بالعهد الاستعماري أين نشأت مدينة توكفيل (Tocqueville) كمركز سكنيّ للمعمّرين(الكولون)، و ما تبع ذلك من إنشاء مرافق حيويّة منها العناية بالصّناعة و تكوين اليد العاملة المؤهلة.
في 23 جانفي 1883 بعث الجنرال سوسييه (Saussier)  قائد الفرقة المسلّحة 19 إلى الحاكم العام للجزائر رسالة يخبره فيها بأنّ الوضعية النّقدية للصّناعة الخيلية في الجزائر (l’industrie chevaline  ) تتطلّب الخلق المستمر لمستودعات تربية الحيوانات الدّاجنة في المستعمرة. ولم يكن في ذلك الوقت أفضل من الأملاك العامة لرأس الوادي لتصلح مكانا للتغذية، قريبا من برج بوعريريج و على مقربة من طريق كبير و سكة حديد.
عام 1895 بدأت القرية تعمر، و اسم توكفيل (Tocqueville) صار اسما بديلا لرأس الوادي.
سنة 1901 بلغ عدد سكان رأس الوادي أو توكفيل حوالي أربعمائة نسمة، و قد أسند العمل للأهالي فاشتغلوا بالزّراعة المتقنة و تربية الحيوانات الدّاجنة، و قد سمح ذلك بتحسين المستوى المعيشي للمعمّرين(الكولون)، دون أن ينعكس ذلك على الأهالي الذّين كانوا يعتبرون بمثابة اليد العاملة الرّخيصة.
سنة 1911 ميلاد مؤسسة فوسفات مزيتة Entreprise Phosphates M’zaita  التّي أعلنت استغلالها لحوالي 1856 هكتار تقع بجبل مزيتة في استخراج الفوسفات ومعالجته، كان ذلك إعلانا لميلاد تكوين و تشغيل اليد العاملة المنجميّة. بعد ذلك و في ظرف عشر سنوات فقط تمّ استخراج و تصدير أكثر من 374 ألف طن بفضل التربينة أو الأداة الدوّارة العملاقة لتحويل قوّة الهواء، كان التّصدير باتّجاه فرنسا، بلجيكا، ألمانيا وسويسرا.
سنة 1911 صدرت مذكّرة إدارية تعلن توكفيل بلدية مختلطة تضمّ أيضا تكستار الواقعة على بعد 14 كم. بمرور الوقت ازدهرت القرية، حيث عرفت السّوق الأسبوعي كلّ يوم ثلاثاء (تغيّر بعدها ليصبح يوم الأربعاء، و لا يزال هكذا إلى يومنا هذا)، كما عرفت المهن المختلفة حيث كان من المعمّرين و الأهالي بدرجة أقلّ المزارعين و مربّي المواشي والجزارين وتجّار العقاقير والنجّارين والمقاولين و النّاقلين وعاملي المناجم المستغلين للفوسفات، و سائقي التاكسي و غيرها من المهن المختلفة.
في حدود سنة 1940 صارت المنطقة تضمّ عددا مهمّا من السّكان و صل إلى أكثر من 5000 نسمة يمثل الأهالي منهم حوالي الثلثين، فيما لم يكن الأوربيّين يمثّلون نسبة كبيرة، من بين هؤلاء اشتهر الحرفيّون المشتغلون بالنّسيج (البرنوس، الأغطية)، و صناعة الأحذية الخاصّة بالأهالي، كما تطوّر التّعليم المهني أين تمّ تكوين ميكانيكيين في تصليح المركبات، و الخراطين و الحدّادين و البنّائين...
سنة 1947 تمّ ربط المركز المنجمي لبئر حمّودي بتوكفيل (رأس الوادي حاليا)؛ وصلت قدرته الإنتاجية إلى أرقام هائلة، و بلغ عدد العاملين به إلى 4500 عامل بين الأوربيين والأهالي، بأجر شهري بلغ 5 ملايين فرنك فرنسي. في هذه الفترة بالتّحديد تمّ إدخال الكهرباء للقرية، كما تمّ تزويد التجمّعات السّكنية في توكفيل مركز و بئر حمّودي و طوملة بالكهرباء.
بعد الاستقلال، و بتاريخ الفاتح من ربيع الأوّل 1405 هجرية الموافق ل 24 نوفمبر سنة 1986 صدر المرسوم التنفيذي رقم 84-355 المحدّد لقائمة مراكز التكوين المهني والتّمهين، و التّي كان من بينها مركز التّكوين المهني و التّمهين- رأس الوادي، و بذلك صار بإمكان أبناء رأس الوادي متابعة تكوين مهني في مختلف الاختصاصات و أنماط التّكوين، و كان نتيجة ذلك تخريج أكثر من 6000 فرد مكوّن في عديد التخّصصات المهنية.
المركز المسمّى باسم الشّهيد البطل رابح مرّوش (1940-1959) لا تزال أنواره مضيئة في عالم دورة الاقتصاد الجزائري، و هو مستمرّ في أداء دوره المنوط به لدفع التّنمية لا في رأس الوادي فحسب إنّما في الجزائر ككلّ.
عن كتاب: LES HAUTS PLATEAUX SETIFIENS - SETIF de VILLARD Maurice et BASSARD Yves
أحمد بلقمري بتصرّف


التعبيراتالتعبيرات

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.