أساليب التّوجيه
والإرشاد النفسي المدرسي
الكاتب : المرشد
| بتاريخ : السبت 06-02-2010 12:08 صباحا
أوّلا : الإرشاد الفردي :Individual
Counselling
وهو يعني " تلك العلاقة المخططة
بين الأخصائي النفسي والطالب، حيث يتمّ إرشاد فرد واحد وجها لوجه في الجلسات
الإرشادية، ويعتمد في فاعليته على العلاقة الإرشادية المهنية" ويعتبر بعض الأخصائيين أنّ التعامل مع اثنين أو ثلاثة هو
علاج فردي، و يعتبر العلاج الفردي هو نقطة الارتكاز لأنشطة متعدّدة في كلّ من
برامج التوجيه والإرشاد، و من الوظائف الرئيسية للإرشاد الفردي تبادل المعلومات وإثارة الدافعية لدى
الفرد وتفسير المشكلات ودفع خطط العمل المناسبة، و إن كان يحتاج هذا النّوع من الإرشاد
إلى توافر عدد كبير من الأخصائيين النفسيين لمواجهة الحاجات الفردية للإرشاد، و يتراوح
وقت الجلسة الإرشادية الفردية ما بين(30: 60) دقيقة، و يتحدّد طول وقصر الفترة
الزمنية على عدة اعتبارات منها: الهدف من الجلسة الإرشادية،
طبيعة المشكلة، وخصائص الفرد.
حالات استخدام الإرشاد
الفردي
:
يستخدم الإرشاد الفردي مع الطلاّب الذّين
يعانون من المشكلات ذات الطابع الشخصي والتي لا يصلح عرضها أمام الآخرين كما في
العلاج الجماعي، أي تلك الحالات التي تتطلب درجة من السرية، ومن بين تلك المشكلات،
ما يلي:
1. المشكلات الاجتماعية: كانعكاس
المشكلات ذات الطابع الأسري علي ما يعانيه التلميذ من آثار نفسية و تحصيليّة، مثل
حالات الطلاق، والهجر، ووفاة أحد الوالدين، والخلافات الزوجية الحادة..وغيرها.
2. المشكلات النفسية: مثل التي تحدث بسبب
إصابة التلميذ بأحد الأمراض الخطيرة أو إعاقات جسدية أو حسّية، أو المشكلات
النفسية التي تحدث نتيجة لما يعانيه التلميذ من اضطرابات نفسية كالوحدة النفسية،
أو السلوك العدواني، أو المخاوف المرضية.
3. المشكلات المدرسية: و من بينها مشكلة التسرّب المدرسي، والرّسوب المتكرّر،
وصعوبات التعلّم، والغياب المستمر، وغيرها من المشكلات ذات الطابع المدرسي. ولقد
أوضح محمد سعفان(2001) أنّ هناك مجموعة من أنماط الأشخاص الذين يصلح معهم الإرشاد
الفردي وهم على النحو التالي:
1. يصلح
الإرشاد الفردي مع الطلاب أصحاب التوجه النفسي، أي الذين ينظرون إلى مشاكلهم من
زاوية شخصية في المقام الأول، ويرون أنه لا فائدة من التعامل مع الآخرين ولا
يكترثون بما يقوله الآخرون، ولديهم استعداد ضعيف للمشاركة الوجدانية، والأغلبية من
هؤلاء لديهم ميول للتمركز حول الذات (وإن كان بدرجات مختلفة).
2. يصلح
الإرشاد الفردي مع الطلاب الذين لديهم أسباب مقنعة أو غير مقنعة للغياب المتكرّر
عن جلسات الإرشاد الجمعي، لأنّ كثرة الغياب لا يساعد على تحقيق الأهداف الموضوعة،
بالإضافة إلى أنه مضيعة للوقت والجهد، ويجعل هناك تفاوت بين أفراد الجماعة في
متابعة وتنفيذ خطوات البرنامج الإرشادي.
3. يصلح
الإرشاد الفردي مع الطلاب الذين يشعرون بأنهم مرفوضون من الجماعة لاعتبارات تتعلق
بالخصائص الجسمية أو العقلية أو الاجتماعية أو الانفعالية، في هذه الحالة يكون
الإرشاد الفردي أكثر فعالية في المراحل الأولى لحل المشكلة، ثم يتبعه الإرشاد
الجماعي.
4. يصلح الإرشاد الفردي أيضا مع الطالب النّرجسي الذي لا
يهتم بما يدور في محيطه البينشخصي من ناحية، ويحاول جذب انتباه الآخرين إليه بصورة
متكررة مبالغ فيها لدرجة تجعله يتجهم على الآخرين، وينتقدهم ويفرض آراءه عليهم،
مثل هذا السلوك من المفترض أن يثير غضب الجماعة، ولذلك يفضل استخدام الإرشاد
الفردي مع الطالب النّرجسي، في الخطوات الأولى لحلّ المشكلة ثم يليه الإرشاد
الجماعي.
5. يصلح
الإرشاد الفردي أيضا مع الطالب الذي لديه ميول انسحابية، مثل هذا النمط من الأفراد
يصعب أن تقدّم لهم خدمات إرشادية من خلال الإرشاد الجماعي، لأنّ هؤلاء كثيرا ما
يشعرون بعدم جدوى وجودهم مع جماعة، و ربما يكون لديهم مشكلات مرتبطة بوجودهم مع
الآخرين مثل رهاب التحدث أمام الآخرين، وفي هذه الحالة يكون الإرشاد الفردي أكثر
فعالية.
6. يصلح
الإرشاد الفردي أيضا مع الطالب المتململ أو المتهيّج لأن هذا النمط يسبب الكثير من
الإزعاج والغضب لدى أفراد الجماعة.
إجراءات الإرشاد الفردي :
يعتبر
الإرشاد الفردي هو تطبيق إجرائي لكلّ ما تمّ عرضه من إجراءات تتعلق بالعملية
الإرشادية - في الفصل السابق- من بداية تكوين العلاقة الإرشادية مرورا بالتشخيص
وتطبيق للفنيات الإرشادية وإنهاء عمليات الإرشاد حتى القيام بعملية المتابعة.
ثانيا : الإرشاد الجماعي :Group Counselling
إنّ
الإرشاد الجماعي لا يمكن أن يكون بديلا عن الإرشاد الفردي، فهناك بعض الطلاب الذين
يستجيبون بصورة أفضل في المواقف الجماعية بينما نجد البعض الآخر يحتاج إلى رعاية
فردية خاصة، ومنهم من يحتاج إلى النوعين من الإرشاد لمساعدتهم على التوافق السليم،
غير أنّ الجماعة في الإرشاد الفردي، وهذا التأثير مستمد من جانبين، أوّلهما الأخصائي
النفسي نفسه، والثاني هو الجماعة الإرشادية الذين يبذلون الجهد لمساعدة زميلهم،
وهذا يؤدي إلى شعور أعضاء الجماعة الإرشادية بالطمأنينة أكثر من مقابلة الأخصائي
وحده في الإرشاد الفردي .
حالات استخدام الإرشاد
الجماعي:
يستخدم الإرشاد الجماعي في المدارس مع
الحالات التالية:
- حالات
الطلاب التي لا تتطلب درجة عالية من السرية.
- حالات
الإرشاد التربوي والمهني.
- الحالات
التي يستخدم معها الإرشاد الوقائي لتنمية أحد جوانب الشّخصية كالاستقلالية
والانتماء وروح الفريق والقيادة، وغيرها.
فالإرشاد الجماعي يوفر لكل هؤلاء عددا
من المميزات التي يستفيدون منها، هي :
1. أنّ الإرشاد الجماعي كفء من حيث التكلفة، فالأخصائي يستطيع أن يرى عديد الطلاب
في وقت واحد.
2. يمكن أن توفر المجموعة نوعا من العلاج الوقائي، حيث يمكن للأعضاء أن يسمعوا
تجارب الآخرين وهم يناقشون مشاكلهم، تلك المشاكل التي لم يواجهوها من قبل في
حياتهم.
3. بعض التجارب والنشاطات والتمارين لا يمكن أداؤها إلاّ في مجموعات كلعب الأدوار
مثلا.
4. توفر الجماعة ميزة إخراج انفعالات معينة يمكن التعامل معها عندئذ في الواقع في
إطار الجماعة.
5.
بعض المشاكل يتمّ التعامل معها بصورة أكثر فعالية في
إطار المجموعة مثل عيوب المهارات الاجتماعية والتعامل مع الآخرين، ويمكن أن يتدرّب
الطالب على سلوكيات جديدة وطرق للارتباط بالناس من خلال الجماعة.
6. في إطار الجماعة يمكن للطلاب تلقي قدرا من المعلومات عن سلوكهم.
7. تتولّد في إطار الجماعة الكثير من الاقتراحات التي تتعلق بمشكلة ما أكثر مما
لو تواجد الأخصائي مع فرد واحد فقط. و لكن يحذر هنا أن ينضم إلى الجماعة الإرشادية
الطلاب الذين لديهم مشكلات سلوكية ونفسية متطرفة كحالات الجنوح والعنف والإيذاء
الذاتي والأمراض النفسية... إلخ.
شروط الجماعة الإرشادية
:
هناك عدّة شروط أوضحتها كاميليا عبد
الفتاح (1998) يجب مراعاتها عند تكوين جماعة إرشادية ومنها ما يلي:
- حجم
الجماعة: ينبغي أن يكون عدد أفراد الجماعة الإرشادية معقولا فلا يقل عن ثلاثة ولا يزيد
عن خمسة عشر حتى لا تمثل عبئا ثقيلا على كاهل الأخصائي النفسي، و حتى تستفيد
الجماعة من فوائد الإرشاد الجمعي.
- عمر
الجماعة:يعتبر الإرشاد الجمعي ذا فائدة لكلّ من الأطفال (في عمر المدرسة الابتدائية)
والمراهقين، و لكن عند تكوين الجماعة الإرشادية يفضل أن يكون هناك تقارب في عمر
الأعضاء، و ذلك لاختلاف طبيعة كلّ مرحلة عمرية وحاجاتها وخصائصها والمشكلات التي
تميزها عن المرحلة العمرية الأخرى.
- جنس
الجماعة: إنّ التجانس أو عدم التجانس في جنس المجموعة الإرشادية يتوقف على العمر الزمني
للأعضاء، ففي مرحلة الطفولة يمكن أن يشترك البنين والبنات معا في المجموعة
الإرشادية، أما في مرحلة الطفولة المتأخرة ومع بداية مرحلة المراهقة يفضل أن يتم
الفصل بين الجنسين عند تكوين الجماعة الإرشادية، و ذلك لاختلاف طبيعة واهتمامات كلّ
جنس، هذا إلى جانب أن هناك موضوعات عند إثارتها قد تسبب الشعور بالخجل أمام الجنس
الآخر وخاصة في مرحلة المراهقة مما قد يكون له تأثير سلبي على العملية الإرشادية.
- الذكـاء
:لاشك
أن وجود طالب بين مجموعة إرشادية معظم أفرادها أعلى منه في مستوى الذكاء سوف تؤثر
عليه سلبا، أمّا إذا كان المستوى العقلي لأحد الطلاب أعلى من معظم أفراد المجموعة
الإرشادية فقد يؤدي ذلك إلى نبذه من باقي زملائه في المجموعة، لذلك يفضل أن يتمّ
التجانس في الذكاء إلى حد ما بين أفراد المجموعة الإرشادية.
- نوعيّة
المشكلات :إنّ وجود مشكلات مشتركة بين أفراد المجموعة الإرشادية الواحدة يساعد الطالب
على إشباع حاجته إلى الشعور بالانتماء والإحساس بأنّ الآخرين يفهمونه، وهذا بلا شكّ
يطمئنه إلى أنه لا يختلف عن الآخرين، إذ قد يؤدي الاختلاف والتنوع الكبير في نوع
المشكلات إلى صعوبات تتعلق بعمليات التفاهم والانسجام فيما بين أفراد المجموعة.
أساليب الإرشاد الجمعي
:
تتنوّع الطرق المستخدمة في الإرشاد
الجمعي، و من بينها ما يلي :
1.السّيكودراما
:تعرف
أحيانا بالدراما النفسية أو التمثيل النّفسي المسرحي، و تتميز السّيكودراما بأنّها
أسلوب تشخيص وعلاج في نفس الوقت، و يستخدم هذا الأسلوب عادة مع أغلب المشكلات و مع
جميع المراحل العمرية. و في السيكودراما إمّا أن يقوم الأخصائي النفسي المدرسي
بإعداد قصّة تعبر عن المشكلة التي يعاني منها الطالب أو الطلاب في المجموعة
الإرشادية، و يطلب منهم القيام بتمثيل هذه القصة و يترك لهم الحرية في اختيار
الدور الذي يلائمهم والحرية في التعبير، فالحوار لا يعدّ مسبقا، أما الحالة
الثانية هي أن يقوم الطالب بأداء موقف تمثيلي لحدث في حياته أو خبرة مرّ بها في
الماضي أو يمرّ بها في الحاضر أو يخشى المرور بها في المستقبل أو تدور حول مجموعة
من الأفكار والمعتقدات الخرافية والاتجاهات السالبة المشحونة انفعاليا، وغيرها. و يتم
أداء هذه الأدوار بشكل تلقائي ارتجالي، ومن خلال هذا العرض يكشف كلّ طالب عن
مشاعره و رغباته وصراعاته و إحباطاته وانفعالاته فهو نوع من التنفيس الانفعالي
يخرج فيه كلّ منهم ما بداخله لإحداث التوافق الشخصي والاجتماعي.
2.السوسيودراما
:يعرف
أيضا بالتمثيل الاجتماعي المسرحي، وهو يركز على القواعد الاجتماعية المألوفة للفرد
في علاقته مع الآخرين، فهي تتناول المشكلات ذات الطابع الجماعي المتصل بوظيفة
الجماعة أو تركيبها كالمشاكل الاجتماعية أو الاقتصادية أو الدينية العامة، و التي
تسبب التوتر والاضطراب للمجتمع، و هذا على العكس من السيكودراما التي تهتم بمشكلة
عضو معين من أعضاء الجماعة، حيث يكون التركيز على الحياة الشخصية للفرد.
3.لعب
الأدوار :يختلف لعب الدور عن كلّ من السيكودراما و السوسيودراما، في أنّ لعب الدور يعطي
الأشخاص أمثلة ونماذج لكي يقلدونها و يكررونها أما في السيكودراما و السوسيودراما
فالتركيز لا يكون على التعليم والتقليد بقدر ما يكون التركيز على التلقائية
والارتجالية و تنمية القدرة على اتخاذ القرارات. و في لعب الدّور يتمّ تناول أيّ
موقف يسبب الاضطراب للطالب بشكل تمثيلي فالطالب الذي يعاني من الخجل والانطواء
يمكن أن يستخدم مع هذا الأسلوب في التدريب على تنمية المهارات الاجتماعية المختلفة.
4.المحاضرات
والمناقشات الجماعية :هي طريقة تربوية تستهدف تعديل بعض
السلوكيات والأفكار والمعتقدات والاتجاهات لدى بعض الطلاب، ويتم خلالها إلقاء
محاضرة حول موضوع الجلسة يتخللها مناقشات مفتوحة و إلقاء أسئلة من جانب الطلاّب
المشاركين، وعادة ما يقوم الأخصائي النفسي المدرسي بإلقاء تلك المحاضرات، أو إدارة
الحوار والمناقشات في حالة استضافة متخصّصين في مجالات متنوعة كالطب والدين
والسياسة والاجتماع..وغيرها، وتتم المناقشة من جانب الطلاب إمّا بعد إلقاء
المحاضرة أو أثنائها. و يستخدم أحيانا الأخصائي النفسي أو الضيف بعض الوسائل
التوضيحية المساعدة من أفلام تعليميّة أو كتيبات أو نشرات إرشادية.. إلى غير ذلك
من الوسائل التي تعين الطلاب على الاستيعاب والمناقشة.
5.النادي الإرشادي
:هو
أحد الأساليب المستخدمة في العلاج الجماعي، والذي أكدّت عديد الدّراسات على
فعاليته في إطار الخدمة النفسية المدرسية، و تتلخص فكرته في قيام الأخصائي النفسي
المدرسي بإعداد حجرة خاصة للنادي، وتكوين جماعة إرشادية من الطلاب تتكوّن عادة ما
بين 5 إلى 15 طالبا ممن يعانون من مشكلات سلوكية معينة كالانطواء أو العزلة أو
الخجل.. و يترك لهؤلاء الطلاّب الحرية في منافسة الأنشطة الرياضية والفنية و الموسيقية
المختلفة، ثم بعد قيامهم بهذا النشاط يتم تناول بعض المشروبات، و تتم مناقشة ما
يرونه من موضوعات مختلفة وأثناء ذلك يقوم الأخصائي بتسجيل ملاحظاته حول سلوكياتهم
وآرائهم وانفعالاتهم، و إذا لاحظ سلوكا غير سويّ يقوم بتعديله. و يساعد هذا
الأسلوب الطلاب في التنفيس عمّا بداخلهم من مشاعر مكبوتة من خلال ألعابهم و نشاطهم
الحر، كما يساعد الطلاّب المنعزلين و الخجولين على تكوين صداقات جديدة مع الآخرين
وتنمية مهارات اجتماعية متنوعة.
أحمد بلقمري.
مستشار التّوجيه و التّقييم و الإدماج المهنيين © 2014 جميع الحقوق محفوظة
التعبيراتالتعبيرات
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.