الأحد، 15 يونيو 2014

أيّ مُمارسة لأيّ مُستشار توجيه مهني؟.

top

أيّ مُمارسة لأيّ مُستشار توجيه مهني؟.

مدخل:
«مستشار التّوجيه المهني السيّئ هو كماكنة توزيع الأغذية و المشروبات التّي لا تحمل العلامات الدّالة على المنتجات و الأسعار؛ ندفع لها بهدف الحصول على خدمة فتعيد لنا قطعنا النّقدية ! ». أحمد بلقمري. مستشار التّوجيه و التّقييم و الإدماج المهنيين

كتب مستشار التّوجيه و التّقييم و الإدماج المهنيين وليد عرفات معلّقا:
زميلي الفاضل أحمد تحيّة وبعد؛
أجد نفسي أعترض على مقولتك في جزئية التشبيه، ولا أعترض في كليّة المعنى.
أوّلا:-يا أخي الفاضل- لا يوجد مستشار سيّء أو جيّد، فخدماته هي ما يمكن أن توصف بالسيّئة أو الجيّدة، وهو كما تعلم يعود إلى مجموعة متغيّرات متضافرة متكاملة تتفاعل في أنساق منتجة لنمط الخدمة-مقاربة بناء الأنساق-، وهو حال كلّ موظف وليس فقط المستشار.
ثانيا: أرى أنّ تشبيه المستشار بماكنة هو في حدّ ذاته وصف يحجِّمُ من طبيعة هذا الفرد الذي كان لزاما عليه أن يتّصف بالمرونة والسلاسة والاجتماعية في أسمى درجاتها، كما أنّه يشرّفني أن يكون الوصف أبلغ من أن أكون ماكنة لتوزيع الأغذية، فلكم وددت أن أوصف بأنّي كتاب يستفيد المتصفح منه إذا ما أراد ذلك، يتناول القارئ أفكاره و يتغذى من معانيها بكل إقبال ونهم .
ومن باب المثال الذي ضربت(الثقافة الاستهلاكية الكلاسيكية) نودّ أن نغيّر هذا الطرح ليبلغ إلى ثقافة استهلاكية من نوع ثاني، هي استهلاك المعرفة لإعادة إنتاجها.
شكرا ودام إبداعك وصبرك لكلماتي من أجل بناء فكر ناقد بنّاء فى قوالب مثاقفة اجتماعية راقية .
كتب مستشار التّوجيه و التّقييم و الإدماج المهنيين أحمد بلقمري في ردّ على التّعليق:
الأستاذ الفاضل المحترم، زميلي وليد عرفات
تحيّة طيّبة تليق بمقامك و بعد؛
المستشار أو المرشد النّفسي الذّي نعرفه يعمل مع الأفراد العاديّين أو ذوي الاضطرابات البسيطة، كما يشمل عمله الإرشاد الجمعي أو الفردي. و المقابلة تعتبر إحدى التقنيّات الهامّة التّي يستخدمها على اعتبار أنّها أسلوب التّقييم الأساسي، بالإضافة إلى استخدام الاختبارات(كاختبار تقييم القدرات، الشّخصية، الميول و الاهتمامات، وكذا اختبار الاستعدادات المهنية...).
و مستشار التوجيه و التّقييم و الإدماج المهنيين باعتباره مرشدا نفسيّا يرتبط بمسترشد في علاقة دينامية للمساعدة، تتمحور حول تعريف و تحقيق أهداف المسترشد.و المستشار بصفته خبيرا بهذا النّوع من المسارات يعمل على تشجيع المسترشد على التحليل الذّاتي، وفهم مختلف نواحيه السّلوكية بالأساس، ممّا يسمح له بأخذ قراراته بكلّ وعي ومسؤولية.
نعم هذا ما قصدته، من خلال قولي بأنّ المستشار ينبغي أن يكون ذلك الخبير القادر على التفاعل مع المسترشد من خلال الإصغاء، فهو المُوجّه(L’orienteur) مقابل العميل(Le client) الذّي ليس سوى مستهلك خدمات التّوجيه.
زميلي المستشار وليد عرفات،
إنّ المستشار الجيّد يقابله المستشار السيّئ دون شك، يتجلّى ذلك من خلال الأدوار و الوظائف، فالمستشار الجيّد هو ذلك الشّخص المؤهّل والمختص في تقديم خدمات التّوجيه لمجتمع طالبي الاستشارة المهنية(الحاملين و غير الحاملين لأهداف متعلّقة بالمهنة). هذا الموجّه ينبغي عليه أن يكون قادرا على فهم و مساعدة أولئك الأفراد(طالبو الاستشارة المهنية) في وضعيّاتهم الاجتماعية، الاقتصادية و الثقافية. المستشار الجيّد لن يكون بكلّ تأكيد تلك الآلة أو ماكنة توزيع الأغذية أو المشروبات التّي لا تحمل العلامات الدّالة على المنتجات و الأسعار، و لا هي قادرة على تقديم الخدمة اللازمة، حيث تعاد لنا بضاعتنا بكلّ سلبية، و دون مراعاة لردود فعلنا كمتلقّي خدمة. المستشار الجيّد يشبه آلة بشريّة تتمتّع بكفاءة عالية و جودة خدماتية، يملك معلومات منظّمة و دقيقة حول بروفايلات الأفراد و المهن، و يجمع المعلومات حول سوق العمل و يحوّلها، لديه التدريب والتأهيل اللاّزم و يعمل على نقل و استخدام ما يعرفه خلال ممارسته لمهنة التوجيه والإرشاد المهنيين.
أمّا عن مستشار التّوجيه المهني السيّئ فالتعريف أعلاه يدلّ عليه، فهو لم يتلق التكوين المتخصّص اللازم، و لا يتمتّع بالكفاءة المطلوبة، يقدّم خدمات التوجيه لكن بنوعيّة سيّئة بالنّظر على تدخّل عدّة عوامل في ذلك، قد يكون أكبرها هو عدم موائمة بروفيل المستشار مع ما تتطلّبه مهنة التوجيه و الإرشاد المهنيين.
زميلي المستشار المحترم،
تحدّثت في تعليقك عن مقاربة بناء الأنساق- أنساق منتجة لنمط الخدمة-؛ و لن أخفيك سرّا إذ أقول لك بأنني أتبنّى المقاربة الاجتماعية البنائية(L’approche socioconstructiviste) بصفتها منهلا نظريّا يساعدني في الممارسة، و يفتح لي ما استغلق من تصوّرات متعلّقة بالمشروع المهني و الهوية، كما أستند في عملي على منهج الاستقصاء متعدّد المراحل للهويّة الاجتماعية(IMIS)، و الذّي اكتشفته من خلال عمل البحث العلمي المتواصل.
نحن نعلم أنّ شكل المهنة للعصر الصناعي اختفى أمام الأشكال الجديدة للمهن دون حدود (Arthur & Rousseau, 1996) و البروتييفورم-متعدّد الأشكال-(protéiformes)- (Hall, 1976, 2002, 2004)،  و هو ما أحدث انزلاقا جماعيا نحو الفردي في مسؤولية الوظيفة النفسية والاجتماعية للعمل. هذا التطوّر المستمر و المتسارع، الحاصل في ميدان عملنا و حقل تدخّلنا يزيد من مسؤوليتنا أمام المسترشدين و أمام ضمائرنا المهنية، كما يحثّنا على العمل أكثر من أجل الرّقي بمهنتنا.


التعبيراتالتعبيرات

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.