تكنولوجيا التعليم و مصادر المعرفة
أيّ مستقبل للعرب في زمن تكنلوجيا المعلومات و الاتصال؟ |
يشهد عالم اليوم تطوّرا مذهلا في تكنولوجيا الإعلام و
الاتصال ممّا أدّى إلى تطوّر المعرفة؛ حيث صارت المعرفة العلمية و التكنولوجية تشكّل
أكثر من ثمانين في المائة من اقتصاديات العالم المتقدّم، و هنا انتقلنا من مفهوم
المعرفة البسيط إلى اقتصاد المعرفة، من اكتساب المعرفة إلى إنتاج و نشر المعرفة، انتقلنا
من المجتمع الطبيعي إلى مجتمع المعرفة و مجتمع التعلّم؛ حيث يتمتّع كل فرد بحقّه
في المعرفة و التعلّم. إنّنا اليوم أمام ثورة حقيقية في مجال المعلومات، فالتطوّر
السّريع و انتقال المعلومات عبر وسائل التكنولوجيا الجديدة أتاح للبشر الاتّصال
عبر قنوات مختلفة، لكنّ التنوّع و الثراء في المعلومات فرض تحديات كبيرة على
المجتمعات الرّاغبة في الاستفادة من هذه الطفرة، حيث يتطلّب الأمر تنمية و تطوير
قدرات الأفراد، حتّى يستطيعون الوصول إلى المعرفة و النفاذ إليها باستخدام
التكنولوجيا الحديثة.
إنّ
التطوّر الحاصل في ميدان تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات فرض طرائق جديدة للتعلّم،
وأحدث تطوّرا في مفهومي التعليم و التعلّم التقليديين، إنّنا اليوم بصدد مصادر
متنوّعة للمعرفة، مصادر حديثة للتعلّم و مراكز جديدة للتنمية المهنية و التدريب
الفني، إنّ المكتبات الرقمية و الإلكترونية، و حتّى المواقع التعليمية الإلكترونية
صارت تتيح مجالات أكبر للتعلّم. إنّ عناصر العملية التربوية التقليدية، و نقصد هنا
بالتحديد دور المعلّم تغير من ناقل للمعرفة إلى مُوجّه لطلابه، و باحث
يكتسب بدوره المعرفة باستمرار و يشارك الآخرين هذه المعرفة. المُعلّم اليوم صار مُشاركا
في المعرفة، يسعى لإطلاق قدرات طلابه؛ كما يحثّهم، و يحفّزهم على التعلّم. إنّ
الكتاب المدرسي الورقي لم يعد المصدر الوحيد للتعليم والتعلّم، لقد صار الكتاب
الإلكتروني منافسا له، كما صارت المحتويات و المضامين المعرفية الرّقمية ذات أهمية
قصوى في اكتساب المعارف و الاستفادة منها بما يضمن جودة ونوعية للتعليم.
إنّنا
مجبرون على تطوير مناهجنا التربوية؛ كما أنّنا ملزمون بوضع سياسات و فلسفات تربوية
واضحة تقودنا إلى الاستفادة من مصادر المعرفة بمختلف أنواعها. إنّه لا يتأتى ذلك
إلاّ من خلال السّعي لامتلاك التكنولوجيا الحديثة والتحكّم فيها، علينا أن نتّجه
للتوسّع الكيفي في التعليم، و رسم استراتيجيات للتعليم و التعلّم تؤدي إلى تنمية
التفكير لدى الفرد في إطار دعائم التربية الأربع: التعلّم للمعرفة، التعلّم للعمل،
التعلّم لنكون، و التعلّم لنتعايش مع الآخرين. إنّ السّعي للاستثمار في العقل
البشري يعني إطلاق قدرات الفرد، و الاهتمام به كمنتج للمعرفة، و هو ما يؤدّي إلى
التنمية البشرية المستديمة. إنّ هذا الأمر يتطلّب سياسة محو للأمّية المعلوماتية،
و تحسين التعامل مع التكنولوجيا المتقدمة، بالاستفادة من مختلف النظريات الحديثة
المؤطّرة لعمليّتي التعليم و التعلّم كنظرية الذكاءات المتعددة و غيرها من
النظريات الهادفة إلى تحقيق الجودة و النوعية الشّاملة في التعليم.
إنّ
النّظر إلى هذه القضية الهامّة في حياة مجتمعنا، و نقصد بذلك قضية التّعليم الحديث،
يتطلّب منّا مجهودا ووقتا كبيرا للخروج من دائرة التخلّف، وتجاوز الأوضاع الرّاهنة
التي لا تؤدي إلى إقامة مجتمع المعرفة. إنّنا اليوم مطالبون أكثر من أيّ وقت مضى
بالرّقي بسياساتنا التربوية في سبيل إقامة المجتمع الحديث و الدّولة الحديثة.
التعبيراتالتعبيرات
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.